أنا – لنبدأ بهذا التصريح – ضد أي تمييز للمرأة. أي حديث عن حقوق المرأة يغيظني، تستفزني الحوارات التي تبدأ ب.. (لقد كرم الإسلام المرأة..) أو – وهذه خاصة – .. (نالت المرأة العمانية في عهد السلطان قابوس حقوقها و…). باختصار هذه النقاشات ترهات لا تسمن، لكنها مستمرة ومتكررة، للأسف.
بعد النظر مليا في عدد من الفعاليات التي تمت مؤخرا في عُمان، أدركت سبب هذا التصفيق للمرأة. قبل إظهار السبب، أرجو الاطلاع على النقاط التالية، والتي تعد المعوقات الخمس للتنمية الاجتماعية في السلطنة:
1. الحاجة إلى رصد الظواهر و المشكلات الاجتماعية و وضع البرامج و الحلول الناجعة لها
– الظواهر الاجتماعية و قضايا الأسرة والأنماط الحياتية
2. الحاجة إلى إدماج ذوي الإعاقة والفئات الضمانية في إطار المجتمع وإعادة تأهيلهم
– توفير ما يلزم من برامج لإعادة تأهيل ذوي الإعاقة
3. الحاجة إلى رفع مستوى مشاركة المرأة في كافة ميادين الحياتية و النهوض بمستواها التعليمي و الثقافي و الاقتصادي و الاجتماعي
– تفعيل مشاركة المرأة في الميادين الحياتية المختلفة
– التأكيد على حصول المرأة على كامل حقوقها المدنية
– وضع برامج توعوية بأهمية دور المرأة في التنمية
4. الحاجة إلى دعم قضايا الأسرة و الشباب
5. قلة الوعي بمبادئ السلامة على الطرق
– على الرغم من الجهود الكبيرة لرفع مستوى الوعي فإن من المتوقع ان تزيد حوادث الطرق في السنوات المقبلة لتصبح واحدة من الأسباب الرئيسية للوفاة والعجز و الاعتلال الصحي المزمن مما تشكل عبئاَ على مسيرة التنمية.
قبل الاستمرار في عرض تحليلي، أوضح ان هذه النقاط من استراتيجية البحث العلمي في قطاع التنمية الاجتماعية. كل الشكر للصديقة ساندرا التي أمدتني بهذه النقاط ‘القيمة’ والتي للأسف لم تكن معروفة لدى الكثيرين منا.
إذن، العائق الثالث لتنمية المجتمع العماني كما خلصت اليه الدراسة الاستشرافية للبحث العلمي في السلطنة هو تعطيل دور المرأة، هذه نقطة لا يمكنني إثباتها أو دحضها، ولنأخذ بها كما هي لأنها حصيلة دراسات قام بها أخصائيون بنيت على نتائجهم استراتيجية بحث علمي.
بالتالي فان ما يتوجب على المسؤولين حسب هذه الخلاصة، القيام بتعزيز دور المرأة – بإتاحة فرص عمل وظهور اجتماعي وإعلامي وغيره. مثال ذلك، إصرار مصوري الصحف الرسمية على إظهار مشاركة المرأة في أي حدث وطني، مهما بلغت هذه المشاركة من السطحية، كدليل تواجد ومساواة. (as much as I hate this word I have to use it)
وعليهم أيضا وضع برامج توعوية لتبيان دور المرأة في تنمية المجتمع. وهذا بالذات ما يخفق فيه الإعلاميون أيما إخفاق. رغم ذلك، أميل للاعتقاد -من باب حسن الظن – ان الرسالة الإعلامية ليست موجهة لي أو لمن يحملون نفس توجهي الفكري لذلك هي لا تلقى قبولا لدي، وقد تنجح لدى من تتوجه اليهم فعلا.
أقول اخفق فيه الجهاز الإعلامي والمسؤولون ببساطة لأن المبالغة في التفخيم للمرأة العمانية وصل حد السذاجة.
لكن.. لماذا المرأة بالذات؟
هناك خمس معوقات رئيسية لتنمية المجتمع
اعتقد وبشدة ان مرد هذا هو الأوامر السلطانية لعقد ندوة المرأة العمانية وتخصيص يوم لها.
بالتالي، صار الحديث عن المرأة العمانية واجبا وطنيا، وصار الوطنيون والمتملقون يشيدون بالمرأة ويركزون على دورها والدور المضطلع بها وهلم جرا. صار الحديث مقيتا وسخيفا من كثرة التكرار مع قلة المحتوى العلمي والفعلي.
ﻫﺬﺍ ﻭﺇﻥ ﻧﺪﻭﺓ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻋﻘﺪﺕ ﺑﺄﻭﺍﻣﺮ ﺳﺎﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺭﺣﺎﺏ ﺍﻟﻤﺨﻴﻢ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻲ ﺑﺴﻴﺢ ﺍﻟﻤﻜﺎﺭﻡ ﻓﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺻﺤﺎﺭ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﻣﻦ 17ﺇﻟﻰ 19ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ2009ﻡ، ﺣﻴﺚ ﺟﺎﺀﺕ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻟﻨﻬﺞ ﺟﻼﻟﺘﻪ ﺍﻟﺪﺍﻋﻲ ﻟﻠﺘﺄﻛﻴﺪ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻌﻤﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻱ ، ﻭﺃﻫﻤﻴﺔ ﻣﺴﺎﻫﻤﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺪﺍﻣﺔ.
نفس الأمر ينطبق على الحوادث المرورية، وانا مقتنعة حقا ان الحوادث وما ينتج عنها من خسائر بشرية ونفسية ومادية وإعاقات وإصابات، كلها تعيق التنمية بشدة. لكن بعد خطاب جلالته عن الحوادث، صرخ الجميع، نعم يا مولانا.. وصار التركيز الإعلامي الغير ممنهج وجهود متشتتة جميعها تحاول -مشكورة- التقليص من هذه المأساة الوطنية. لكن الأمر يستدعي ما هو أكثر من النية المخلصة ويتطلب تخطيطا وعملا جادا ومركزا.
كذلك هو الأمر، مع النقطة الرابعة من معوقات التنمية، قضايا الأسرة والشباب، والتي تلخصت إلى قضايا الشباب بعد الأحداث الأخيرة لمظاهرات الشباب، فظهرت اللجنة الوطنية للشباب، أو ستظهر أيا كان اسمها.
ما استغربه حقا هو هل لا يتحرك هذا الوطن إلا بعد توجيهات جلالته، يذكرني الأمر بالسنين التي كان السلطان قابوس يخاطب الشعب فيها من منبر الاحتفال بالعيد الوطني، ويحدد فيها توجه البلاد في السنة القادمة، لتجد الجميع يسعى بجد لإظهار ذلك الهدف، كعام الشباب وعام الشبيبة وغيره (لا اذكر لكن هل كان هناك عام الشجرة؟)
من هنا أردت ان أقول، ان تخصيص الاحتفال باليوم الوطني لتحييه الشرطية العمانية، ليس غريبا حقا حين نعلم ان الهدف منه هو إبراز مباركة السلطان للمرأة العمانية في سلك الشرطة. فالشعب العماني في نسبة كبيرة منه يحتضن توجهات السلطان ويفخر بها ولو بعد حين، نظرا لمعارضة البعض لانخراط المرأة في الشرطة.